الاثنين، 9 يوليو 2012

كيف تبني دولة المؤسسات المستقرة
بقلم: فيصل محمود مدوه
­هذه مقالة موجهة إلى كل من يسعى للحفاظ على الكويت كي لا تنهار على نفسها بعد أن أجبرتها متوالية من الأخطاء على مجابهة بوادر مصير مظلم لا يعلم أحد ماذا يخبئ في أردانه مما لا يسر ولا يفرح.
وسواء أكانت الكويت قد وصلت إلى ما وصلت إليه من نذر تشرخ وإنفلات في مسارات متشعبة هو ناتج تخطيط مسبق مقصود أم أنها وصلت لذلك بسبب إنعدام القدرة على إستشراف نتائج قرارات قديمة أصابت أطنابها قلب الكويت.
في هذا المختصر سنذكر وبدون مجاملة لأحد بعض ما نرى أنه من الأخطاء التي دفعت الكويت إلى حافة المجهول.
أولاً:- الإستغلال الكاذب لمصطلح الديموقراطية  وترويجه لأشغال الكويتيين في صراع آراء مستدام يشق صفوفهم ويفكك روابطهم ويسحق هويتهم ومنظومتهم الثقافية والاجتماعية والقيمية ويشغلهم عن الأيدي التي تسلب ثرواتهم الوطنية الطبيعية والأيدي التي تحتكر أرزاقهم وتفرض لنفسها عليهم أرباحاً جشعة.
ثانياً: تقطيع الأمه في معازل تسمى بالمناطق والضواحي مما يفرق بين الأسر الممتدة ويضعف صلة الرحم والرأي بينها.
ثالثاً: تحويل الشعب الكويتي إلى أقلية في وطنه عن طريق فتح أبواب الهجرة إليها بواسطة تجار إقامات يبتزون المهاجرين مالياً من جهة ويحققون مكاسب من زيادة المستهلكين إلى درجة أن أصبح تعداد الكويتيين لا يتعدى الخمس والبطالة بين شبابهم تزيد عن الثلث.
لم يكن في حسبان الذين أرادوا إزالة نفس الكويتيين عن الكويت أن من وفد إليها وحصل على الجنسية سوف يرفع سقف أطماعه بعدها وسيتسلق باسم الديموقراطية الكاذبة والدستور المنحوس درجة درجة السلم إلى سدة الحكم بعد أن يسيطر على كل الطرق والمنافذ المؤدية إليه.
خامساً: إن اللجوء إلى ما يسمون بالقبيضة والإعلام الذي لا يواجه الحقائق الميدانية وأغاني الأطفال عن كويتنا الواحدة لا ولن يفيد شيئاً أمام هرولة الذئاب الكاسرة التي تجري بين الشروخ يداً بيد مع الإحتكاريين يشفطون المال كالمكانس ولهم قلوب لا تحمل ذرة حب للكويت وسوف يغادرونها حاملين آخر فلس منها غير آسفين على مصيرها ولا مصير الأغلبية الصامتة الخانعة.
سادساً: إن ما جرى للكويت قد جرى سواء بقصد أو بجهالة فالأمر سيان والآن إما أن تخرج الكويت من المستنقع الذي أركست فيه أو تستلم لمصير غامض محتوم... ولكي تنتفض الكويت وتستعيد كل ما ضيعته وفرطت به أغلبيتها الخانعة فإننا نطرح التالي لمن يهمه أمرها وأمر ما تبقى منها:-
أولاً: أن تزيح الكويت عن كاهلها وهم المفهوم المدمر بأن الدولة لا يمكن أن تدار إلا بحكومة ومجلس أمه ووزارات ودستور.
ثانياً: إن إغراق الكويت بعناصر من غير أهلها سوف يقضي على شعبها ويقضي على نظام حكمهم ورموزه فالأغلبية الوافدة سوف تنتصر وتنقلب في القريب العاجل على من استنصر بها وكذلك على من سيوصلها إلى أن تكون شريكة في الحكم والمال بدون تحديد لكيفية الشراكة أو سقف الحكم الذي يعملون من أجله أو لمن سيكون كل ذلك.
ثالثاً: ولكي تتحاشى الكويت كل مشاكلها التي جلبتها على نفسها بعلم أو بجهالة فإنه عوضاً عن الحكومة التقليدية وحكاية الوزراء ومجلس الأمة والدستور العتيق الذين لم ينتج عنهم إلا الأذى والفساد والضياع فإن الحل الشامل هو أن يصار إلى دعوة كل ذوي الإختصاص في كل المجالات الحياتية الصحية والهندسية والتعليمية والإقتصادية والقانونية والإدارية والبيئية والجمالية والزراعية والصناعية والرياضية والنفطية والمالية والإستثمارية والاجتماعية وكل من له علم يتعلق بحياة المواطن والتنمية الحقيقية للوطن لإختيار أفضل الكفاءات فيما بينهم كل في إختصاصه ممن يتوسمون فيهم القدرة العلمية والحكمة العملية على وضع إستراتيجيات واضحة تؤدي إلى الأرتقاء العملي الميداني المؤكد في جزئية من منظومة حياة المواطن بحيث تتكامل الإستراتيجيات معاً في شبكة موحدة يكون هدفها إسعاد المواطن وتأمين حياة كريمة حرة له ولأبنائه بعيداً عن اللغاوي والمشاحنات السياسية والأيديولوجية والإحتكارية الأنانية.
رابعاً: يتم إنشاء ديوان جامع منسق لهذه الإستراتيجيات تحت مسمى (ديوان عقل الأمة) الذي يصيغ كل الرؤى في مشروع منظم واحد تحت مسمى (مشروع الأرتقاء والإستقرار الوطني) ويرفعه بعد إكمال صياغته إلى السلطة العليا للإطلاع عليه على مهل بعد تقديم الشرح المفصل لجميع جوانبه وجدواها في إنتشال الكويت مما هي فيه وما هي مقبلة عليه.
خامساً: فإذا ما أيدته السلطة العليا ورأت أنه يقتلع جذور الصراعات الحالية التي تدمر الوطن.. تخول السلطة العليا أمر [اشراف (ديوان عقل الأمة) والذي يكون منتخباً من بين الأختصاصيين] على إنفاذه ومتابعة سيره بصورة مستمرة وتحت رقابتها- وتكون السلطة العليا الحَكَم الفاصل عندما يطرأ أي ظرف قاهر يتعدى قدرة الوسائل المتاحة للديوان.
يقتصر البت النهائي في قضايا أمن الوطن والدفاع عنه والعلاقات الخارجية على السلطة العليا بعد التشاور مع (ديوان عقل الأمة) ومن يرون صلاح رأيه ليكون القرار النهائي منتجاً جماعياً في أصله وتدبيره.
سادساً: أن دولة المؤسسات هذه ليست دولة تكنوقراط تقليدية فهي ناتج جماعي ألفه تضافر جهود ثلاثة عناصر هي النخبة العلمية لأننا في عصر العلوم والتقنيات ومن (ديوان عقل الأمة) الذي يمثل أرفع مافيها من العلم والحكمة والإدارة الحديثة والسلطة العليا وهي مرجعية الإنفاذ النهائية والحسم المقبول من الجميع.
سابعاً: إن تفصيل كل ما تقدم ممكن ومتوفر وفيه ما يُعَّرف ويؤكد حقوق الجميع بالعدل والقسط وهو تفصيل شامل يمكن طرحه أمام من توجد عنده الرغبة في أن لا يخسر الكويت ولا أن يراها وقد تحولت إلى ضحية مستباحة بأسم الديموقراطية المنفلته الكاذبة.
ثامناً: إن الأموال التي صرفت من أجل استقطاب ولاء آت أي جهة لأي جهة والأموال التي تصرف لإجراء إنتخابات مجلس الأمة والأموال التي تهدر على الوزراء – أي كل الأموال التي ذهبت أدراج الرياح بدون أن تنتج لا للكويت ولا لقيادتها إلا الآلام هي في حجمها أضعافاً مضاعفة عن تلك التي يكلفا بناء دولة مؤسسات حقيقية لا وهمية أو خرافية صورية.. دولة سيكون فيها الحق والعدل والواجب والإنتاج والطمأنينة والقوة والارتقاء المستمر هم مقياس المواطنة الحقيقية الصالحة لا المواطنة الإغتصابية الإنتهازية.